السؤال:
أعاني من مرض الربو والحساسية ، ولهذا السبب يشق علي الغسل من الجنابة الذي يجب علي القيام به تقريبا يوميا ، خاصة في فصل الشتاء ، فأضطر لترك الصلاة لآخر الأسبوع . السؤال: هل يمكن تعويض التيمم ثم الوضوء للصلاة ؟ أنتظر الرد بفارغ الصبر لأني آثمة بترك صلاتي .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
غسل الجنابة واجب بإجماع العلماء؛ لقوله تعالى: ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) سورة المائدة/6.
وهذا أمر ، والأمر يقتضي الوجوب .
قال ابن عبد البر رحمه الله: " وهذا إجماع لا خلاف فيه بين العلماء " انتهى من "التمهيد" (22/93).
ثانياً:
إذا عجز المريض عن استعمال الماء في جميع بدنه جاز له التيمم؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) المائدة/6 .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (40204).
فإن أمكنه غسل بعض أعضائه ، دون بعض غَسل ما قدر عليه، وتيمم عن الباقي ؛ لأن القاعدة عند العلماء : " الميسور لا يسقط بالمعسور "
قال السيوطي رحمه الله : " قال ابن السبكي: وهي من أشهر القواعد المستنبطة من: قوله في صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ).
وفروعها كثيرة :
منها : من بجسده جرح يمنعه استيعاب الماء ؛ والمذهب القطع بوجوب غسل الصحيح مع التيمم عن الجريح " انتهى من " الأشباه والنظائر"(1/293) .
وقال النووي رحمه الله :
" إذا كانت العلة المرخصة في التيمم مانعة من استعمال الماء في جميع أعضاء الطهارة تيمم عن الجميع, فإن منعت بعضاً دون بعض غسل الممكن وتيمم عن الباقي.." انتهى من "شرح المهذب" "المجموع شرح المهذب" (2/331) .
ثالثا :
ليس كل مرض يبيح لصاحبه التيمم بدلا عن الغسل أو الوضوء .
قال النووي رحمه الله: " المرض ثلاثة أضرب:
أحدها: مرض يسير لا يخاف من استعمال الماء معه تلفاً ولا مرضاً مخوفاً ولا إبطاء برء ولا زيادة ألم ولا شيئا فاحشاً, وذلك كصداع ووجع ضرس وحمى وشبهها, فهذا لا يجوز له التيمم بلا خلاف عندنا, وبه قال العلماء كافة إلا ما حكاه أصحابنا عن أهل الظاهر وبعض أصحاب مالك : أنهم جوزوه للآية..
الضرب الثاني : مرض يخاف معه من استعمال الماء تلف النفس أو عضو ، أو حدوث مرض يخاف منه تلف النفس أو عضو أو فوات منفعة عضو, فهذا يجوز له التيمم مع وجود الماء..
الضرب الثالث: أن يخاف إبطاء البرء, أو زيادة المرض ، وهي كثرة الألم ، وإن لم تطل مدته أو شدة الضنى, وهو الداء الذي يخامر صاحبه , وكلما ظن أنه برئ نكس .. فالصحيح جواز التيمم ولا إعادة عليه, وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وأكثر العلماء لظاهر الآية وعموم البلوى.." انتهى من "شرح المهذب"(2/331)
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة"(24/407) :
"من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره منه استعمال الماء فأجنب - جاز له التيمم، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك وتيمم للباقي" انتهى .
وأما تأخير الصلاة إلى آخر الأسبوع ؛ لتعذر الغسل فلا يجوز ، وعليك التوبة إلى الله وعدم العود لمثل ذلك ، وإنما تصلين في وقت الصلاة ، على حسب قدرتك واستطاعتك ؛ فإن عجزت عن الغسل أو الوضوء تيممت ، وإن عجزت عن القيام جلست ، وهكذا من عجز عن شيء ، سقط عنه ما لم يستطعه ، فإن كان له بدل جاء به ، وإلا فعل ما يقدر عليه ، مما أمر به ؛ لقوله تعالى: ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) سورة البقرة/286، ولقوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) سورة التغابن/16، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
والله أعلم