السؤال:
أنا شاب متزوج من قبل 3 سنين ، ولدي طفلان ، وزوجتي مقصرة في حق البيت من تنظيف ، وتعبت من طلباتها ، وهي كثيرة الذهاب إلى بيت أهلها : فأي عطله تأتي تريد الذهاب إلى بيت هلها بحجة أن أخواتها متجمعات ، وأنا يا شيخ أتمنى أن تكون معي هي وأبنائي في العطلة ، ولكنها لا تنصاع بل تريد الذهاب ، وأنا أستطيع أن أجبرها ولكن لدي قاعدة : " إكرام النفس هواها " .
وأنا أفكر الآن بالطلاق ، لأن هذه ليست حياة ، يا شيخ في أي عطلة تريد الذهاب إلى بيت أهلها حتى في عطلة رأس السنة وهي عطلة الأعياد ، بل وصل الأمر أن إحدى أخواتها سافر زوجها فتريد زوجتي الجلوس مع أختها في بيتها ، ما هو الحل ؟ أفيدونا مأجورين ، تعبت والله يا شيخ ، وليس لدي مشكلة من الزواج من ثانية ، ولكن بدون أن تكون هذه موجودة ، حيث أنني مقتدر مادياً ، ولا تقل لي : انصحها ، فاني والله نصحتها ولا فائدة .
الجواب :
الحمد لله
ينبغي ألا تتسرع في أمر الطلاق ، وأن تأخذ بالأسباب والوسائل المشروعة لإصلاح الزوجة وحل المشاكل التي بينكما ، ومن ذلك ما أرشد الله إليه من الوعظ ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح ، ثم الاستعانة بالحكمين من أهلك وأهلها ، قال تعالى : (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/ 33 -34
ويمكن الاستعانة في وعظها ببعض الأشرطة ، أو توجيهها لسؤال أهل العلم عن سلوكها وموقفها ، أو اصطحابها إلى محاضرة ، تتناول الحياة الأسرية والعلاقة الزوجية وينبغي أن تقف على أسباب نفورها من البيت ورغبتها في الذهاب إلى أهلها ، فقد يكون منك قسوة في معاملتها ، أو تقصير في حقوقها ، وعلاج ذلك يكون بالمصارحة والسعي الصادق لإزالة الخلاف ، فإذا بذلت الأسباب والوسائل للعلاج ، ولم تنجح في إصلاحها ، ولم تر الصبر عليها ، فلا حرج عليك في طلاقها حينئذ ، وتطلقها طلقة واحدة رجعية ، لعل ذلك يردها إلى صوابها ، ويدعوها إلى الاهتمام بزوجها وبيتها .
وإليك بعض ما أوصى به أهل العلم في هذا المجال :
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) أي: "ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل، فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل، (فَعِظُوهُنَّ) أي: ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته، فإن انتهت فذلك المطلوب، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي: فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر" انتهى.
وسئل علماء "اللجنة الدائمة" (19/225):
عندي زوجة لها خمسة أطفال، منهم الرضيع، ومنهم الماشي، وحيث إن والدتهم زوجتي لم تقم بواجباتي المنزلية والزوجية، وكذلك عدم نظافة أولادها، وعدم اهتمامها بي، وعدم تقبل مني أي توجيه..
فأجابوا: " إذا كان الواقع كما ذكرت، فانصحها وبين لها حقوق الزوج على زوجته..، واستعمل معها السياسة والملاطفة في توجيهها لأداء واجبها..، فإن استقامت فالحمد لله، وإن أبت فاهجرها في المضجع، فإن لم يفد ذلك، فاضربها ضرب تأديب لا انتقام، فإن أطاعت فأحسن إليها وعاشرها بالمعروف، وإن أبت ولم يمكن الصلح بينكما فليس إلا الصبر أو الفراق، قال الله تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ).." انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين: " فإن تعذر الصبر فإننا نحاول الإصلاح، كما قال الله تعالى: ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) [النساء:35] هذا إذا كان الشقاق بين الطرفين " انتهى من "فتاوى نور على الدرب"
والله أعلم