كانت هيفاء لا تزال في أشهر زواجها الأولى حين رأيتها في الجامعة. سلمت عليها سلاماً حاراً
ودار بيننا الحوار التالي:
- كيف حالك؟ وما أخبارك بعد دخولك عالمنا؟..
عالم المتزوجات..
ردت بابتسامة شاحبة.. وهي تمط شفتيها..
- الحمد لله.. بخير..
نظرت إليها قليلاً.. ثم دعوتها لجلسة على الرصيف في الهواء الطلق..
جلسنا بهدوء.. ثم سألتها..
- لا تبدين سعيدة.. خيراً إن شاء الله..؟
شعرت أني لامست وتراً حساساً لديها.. فتنهدت
ثم قالت..
- ليس هكذا بالضبط.. لكن خالد.. لا أعرف أشعر أنه تغير..
قبل الزواج في أيام "الملكة".. كان شاعرياً جداً.. ويحضر الهدايا والورود.. ويسمعني أجمل الكلمات..
واستمر الحال أيام الزواج الأولى.. كان لا يريد إلا الجلوس معي أو الخروج معي.. كنت كل شيء في حياته.. ولا شيء يشغله عني..
لكن الآن..
وسكتت..
- ماذا حصل..؟
- تغير.. تغير يا أسماء كثيراً.. أصبح يخرج للاجتماع بأصدقائه بعض الليالي تاركاً إياي وحدي.. أو يفاجئني بأنه ذهب لزيارة أهله أثناء عودته من العمل دون أن يخبرني قبلها.. كما يجلس فترات في المنزل أمام التلفاز دون أن يسأل عني.. هل تصدقين؟ ذات يوم ذهبت لغرفتي وأخذت أبكي لنصف ساعة وهو أمام التلفاز.. لكنه لم يفتقدني.. لم يسأل عني.. ولم يشعر حتى أني حزينة..
خالد لم يعد يحبني.. لقد فقدته.. ولا أعرف ماذا أفعل..
كانت على وشك البكاء.. فضحكت ضحكة قوية..
نظرت إلي باستغراب..
- أضحكتني يا هيفاء.. ذكرتني بالضبط بمشاعري أول أيام زواجي.. ومشاعر كل فتاة..
- ماذا؟ وهل هذا يضحك يا أسماء..
- نعم.. يضحك.. خاصة لمن دخلت عالم الزواج قبلك بخمس سنوات..
- كيف؟
- اسمعيني يا حبيبتي.. كل رجل.. في بداية علاقة حبه بفتاة أحلامه.. يحاول أن يبدي أفضل ما لديه.. ويظهر مشاعره بكل وضوح.. لكن بعد فترة يشعر بالرغبة للعودة لعالمه الرجولي قليلاً.. هذا لا يعني أنه لا يحب فتاته أو لا يرغب بها.. لا.. كل ما هنالك أنه يحتاج بشدة لأن يبتعد قليلاً عنها لكي يشحن مشاعره من جديد.. إذا سمحت له بالابتعاد سيستعيد طاقته ويعود لك أفضل.. أما إن غضبت وتضايقت ومنعته من هذا فسيكبت ألمه داخله ويبقى معك صامتاً واجماً.. هذه طبيعة معروفة لكل الرجال في العالم..
- عجيب؟
- صدقيني يا هيفاء.. هذه طبيعة رجولية.. اتركيه على راحته.. دعيه يمارس حياته وميوله.. وانشغلي أنت بأمور تهمك.. بالدراسة.. القراءة.. ترتيب المنزل.. كوني هادئة ومحبة.. ولا تشعريه بأنك متوترة أو غاضبة.. خذي الأمور بشكل بسيط جداً ولا تشعري بالألم أو القهر.. وسيعود لك.. هذا لا يعني أبداً أنه لا يحبك.. بالعكس هو يحبك كثيراً.. لكنه رغماً عنه محتاج لأن يبتعد عنك.. لقد كتب حول هذا الموضوع كتاب شهير ومعروف اسمه "الرجال من الزهرة النساء من المريخ".. ألم تقرئيه من قبل؟
- كلا..؟
- ألم تقرئي أي كتب أو أشرطة حول العلاقات الزوجية وفهم نفسية الرجل؟
- لا..!
- معقول؟!
- إذاً أنت تحتاجين لتأهيل شامل في الحياة الزوجية.. هناك العديد من الكتب والأشرطة الرائعة في المكتبات حول هذا الموضوع.. سأكتب لك قائمة طويلة بإذن الله.. وستدعين لي بإذن الله طوال حياتك السعيدة إن شاء الله.