السؤال:
أنا طالب جامعة ولدي خبرة بالإنترنت في المراسلة والبحث عن الشركات التجارية والصناعية في الدول الأخرى كالصين مثلا ، يأتي إلي التاجر فيطلب مني أن أبحث له عن شركات منتجة لسلعة ما كقطع غيار سيارات مثلا ، وأن أراسلها لأخذ بيانات بأنواع هذه السلع وجودتها و أسعارها , وبعد أن أجمع له أسماء هذه الشركات مع البيانات المطلوبة , يختار منها شركة مناسبة , فيطلب مني أن أراسلها بأنه يريد الشراء منها ، ويسأل عن السعر , فأراسلها ثم أنقل له ردها , ثم قد يطلب مني أن أطلب منها تخفيض السعر , فأراسلها وأنقل له الرد , ربما أكثر من مرة . فإن أعجبه السعر طلب مني أن أراسل الشركة بأنه وافق عليه ، ثم تتابع إجراءات الصفقة , و إلا عدل عنها . أتفق مع التاجر أن آخذ لقاء هذه المراسلة 300 ليرة سورية على كل ساعة , فإذا بقيت أراسل مدة نصف ساعة آخذ 150 ليرة ، وإذا استغرقت ربع ساعة آخذ 75 ليرة وهكذا ، وأنا لست موظفا في شركة هذا التاجر أو غيره , وعندما أتصل بالإنترنت للمراسلة أتصل في أغلب الأحيان من جهازي في بيتي , وأحيانا من أي جهاز آخر . علمت بطريقة ما أن هذه الشركات تعطي عمولة للوسطاء , فجربت وطلبت عمولة من بعضها أثناء المراسلة فاستجابت لي , وأصبح منها من يرسل لي راتبا شهريا , ومنها من يرسل لي على كل صفقة تتم عن طريق مراسلتي مبلغا ما , ومنها من أتفق معه قبل الصفقة على مبلغ أو نسبة معينة إن تمت هذه الصفقة ثم أقوم بوصله مع التاجر بالمراسلة , فإن تمت أرسل إلي المبلغ المتفق عليه . علما بأن : 1 التاجر الذي أراسل الشركة من أجله لا يعلم بأمر أخذي لهذه العمولة من الشركة. 2 وأحيانا أعلم بأن الشركة ترفع سعر السلعة لتحسب حساب عمولتي , يعني تضيف مقدار عمولتي على السعر فترفعه على التاجر . ولقد سألت بعض العلماء عن مشروعية أخذي لهذه العمولة , فمنهم من حرمها , ومنهم من أباح بعضها وحرم بعضها الآخر , ومنهم ممن أثق به و أطمئن إليه قال بالتفصيل الآتي : تسمى هذه العمولة عند الفقهاء الجعل أو الجعالة وهي مشروعة عند السادة الشافعية والحنابلة و المالكية ومحرمة عند السادة الحنفية , وأما حالتك هذه فعلى رأي السادة الشافعية والحنابلة و المالكية فمشروعة ولكن بالشروط التالية : 1 أن يقتصر دورك على المراسلة فقط وأن يكون قرار البيع الإيجاب والقبول بيد التاجر وليس بيدك ، حتى لا تكون وكيلا لأحد الطرفين فتصبح عندها مؤتمنا . 2 ألا تكون موظفا أو مندوبا في شركة التاجر الذي تراسل له , كي لا تستغل اسم الشركة و صلاحيتها وكونك فيها لمصلحتك الشخصية . 3 أن تعرض على التاجر بنزاهة جميع أسماء الشركات والعروض التي تحصل عليها وألا تخفي تلك التي عمولتها أقل من غيرها وسعرها أنسب للتاجر . فإن راعيت هذه الشروط حلت لك الجعالة والله تعالى أعلم .
السؤال :
أرجو من فضيلتكم الفتوى في هذه المسألة .
الجواب :
الحمد لله :
الجواب :
أولاً :
العمل الذي تقوم به هو من باب : السمسرة ، والدلالة ، والوساطة التجارية بين البائع والمشتري ، وهي من الأمور المشهورة والمتعارف عليها ، ويتعامل بها الناس منذ عهد بعيد ، وهي مشروعة وجائزة شرعاً .
والأجر الذي يتقاضاه السمسار أو الوسيط هو من باب الجعالة ، وقد يكون إجارة في بعض الصور والأحوال .
ثانياً :
يجوز في هذه المعاملة أن يكون الاتفاق مقدَّرا بالصفقة ، أو أن يكون مقدراً بالزمن ، كشهر ، أو أسبوع ، أو يوم ، أو ساعة .
قال الشيخ عبد الرحمن الأطرم : " الوساطة التجارية جائزةٌ مطلقاً ، سواء قُدرت بالزمن ، أو بالعمل ، في اليسير والكثير ... وهو أحد القولين عند الحنفية ، والمشهور عند المالكية ، والظاهر من مذهب الشافعية ، وهو مذهب الحنابلة ". انتهى ، "الوساطة التجارية" صـ 71
ثالثاً :
عقد الوساطة يقتضي أن يقوم الوسيط بالدلالة والتقريب بين المتعاقدين ونحو ذلك ، أما إمضاء العقد المتوسط فيه ، بأن يتولى الوسيط العقد عن البائع أو المشتري مثلا ، فليس ذلك من عمله .
ولكن لو فوِّض إليه من قبل أحد الطرفين إمضاء العقد ، فيصح تصرفه حينئذٍ ، ويكون الوسيط في هذه الحالة جامعاً بين عقدي الوساطة والوكالة .
ينظر : "الوساطة التجارية" للشيخ عبد الرحمن الأطرم صـ 220
رابعاً :
يجوز أن تكون أجرة الوسيط والدلال مبلغاً مقطوعاً محدداً ، أو أن تكون نسبة مئوية محددة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/131) : " يجوز للدلال أخذ أجرة بنسبة معلومة من الثمن الذي تستقر عليه السلعة مقابل الدلالة عليها ". انتهى .
فإن كان عمله مقدراً بعمل أو صفقة معينة ، فلا يستحق الأجرة إلا بإتمام العمل أو الصفقة .
وأما إن كانت الوساطة مقدرة بزمن معين ، فإن الوسيط يستحق الأجرة بمجرد قيامه بالعمل المطلوب منه في الزمن المحدد ، ولو لم تتم الصفقة .
خامساً :
يجوز للسمسار أخذ عمولة من البائع ، ومن المشتري أيضاً ، إذا كان ذلك مشروطاً ، أو جرى العرف بذلك .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/129) : " إذا حصل اتفاق بين الدَّلال والبائع والمشتري على أن يأخذ من المشتري ، أو من البائع ، أو منهما معاً ، سعياً معلوماً ، جاز ذلك ، ولا تحديد للسعي بنسبة معينة ، بل ما حصل عليه الاتفاق والتراضي ممن يدفع السعي جاز.
لكن ينبغي أن يكون في حدود ما جرت به العادة بين الناس ، مما يحصل به نفع الدلال ، في مقابل ما بذله من وساطة وجهد لإتمام البيع بين البائع والمشتري ، ولا يكون فيه ضرر على البائع أو المشتري بزيادته فوق المعتاد " انتهى .
وبناء على ذلك : لا حرج عليك من أخذ عمولة من المشتري والبائع ، ولا يشترط علم كل طرف باتفاقك مع الطرف الثاني.
سادساً :
إذا تم الاتفاق بينك وبين إحدى الشركات على أن تعمل لديهم براتب شهري مقابل تسويق منتجاتهم ، فلا يحل لك في هذه الحال أن تأخذ عمولة ممن سوَّقت عليهم هذه المنتجات ؛ لأنك في هذه الحال وكيل عن الشركة ، وتأخذ راتباً مقابل عملك .
إلا أن تحدد لك الشركة سعرا وتقول لك : إن بعت بأكثر فهو لك .