السؤال:
أخت مستحاضة تطهرت لصلاة العشاء ثم بدأت بصلاة العشاء قبل منتصف الليل ، ثم وهي تصلي في سنة العشاء مباشرة بعد الفرض تعدت الساعة منتصف الليل أي بدأت بصلاة السنة قبل منتصف الليل ، وعندما انتهت كان الوقت قد تعدى منتصف الليل ، فهل يجوز لها أن تصلي قيام الليل بعد السنة مباشرة ، أم تتوضأ من جديد لتكمل وتصلي قيام الليل والوتر ؟ وإن استيقظت لصلاة الفجر متأخرة ثم طلعت الشمس فهل تصلي صلاة الضحى بنفس الوضوء أم تتطهر من جديد للصلاة ؟
الجواب :
الحمد لله
يلزم المستحاضة ومن حدثه دائم أن يتوضأ لوقت كل صلاة .
وقد اختلف العلماء في طهارة المستحاضة ونحوها : هل تبطل بخروج الوقت ، أم بدخول الوقت الآخر ؟ وثمرة ذلك تظهر فيمن توضأت لصلاة الصبح ، فهل لها أن تصلي بوضوئها هذا صلاة الضحى وصلاة العيدين أم لا؟
فمن قال : إن طهارتها تبطل بخروج الوقت ، منعها من ذلك ، لأنها بطلوع الشمس قد انتقضت طهارتها.
ومن قال : إن طهارتها تبطل بدخول الوقت الآخر ، أجاز لها أن تصلي الضحى والعيدين بوضوء الصبح لأن طهارتها باقية إلى دخول وقت الظهر.
والقولان في مذهب الإمام أبي حنيفة وأحمد . وعند الشافعية ينتقض وضوؤها بمجرد أداء أي فرض ، ولو لم يخرج الوقت أو يدخل .
قال المرداوي رحمه الله : " قوله: "وتتوضأ لوقت كل صلاة".
وكذا قال في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وغيرهم ؛ فلا يجوز للفرض قبل وقته على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب .
وقيل: يجوز . حكاه في الرعاية.
إذا علمت ذلك : فيحتمل أن يقال : إن ظاهر كلامهم أنه لا يبطل طهرها إلا بدخول الوقت ، ولا يبطل بخروجه ، وهذا أحد الوجهين . قال المجد في شرحه: وهو ظاهر كلام أحمد . قال : وهو أولى ، وكذا قال في مجمع البحرين ، وجزم به ناظم المفردات فقال :
وبدخول الوقت طهر يبطل ... لمن بها استحاضة قد نقلوا
لا بالخروج منه لو تطهرت ... للفجر لم تبطل بشمس ظهرت " انتهى من "الإنصاف" (1/ 269).
وينظر : الموسوعة الفقهية (3/ 212).
والمسألة كلها مقيدة بما لو خرج من المستحاضة شيء ، فإذا لم يخرج شيء فهي باقية على وضوئها الأول ولها أن تصلي به الفريضة التالية .
قال المرداوي في الموضع السابق : " مراده بقوله: "وتتوضأ لوقت كل صلاة " إذا خرج شيء بعد الوضوء ؛ فأما إذا لم يخرج شيء فلا تتوضأ على الصحيح من المذهب: جزم به في المغني والشرح وغيرهما ، وقدمه في الفروع وغيره ، ونص عليه فيمن به سلس البول " انتهى .
وعلى القول الأول - وهو أن طهارة المستحاضة تنتقض بخروج الوقت - فإذا انقضى نصف الليل ، فقد انتقضت طهارتها ، وليس لها أن تصلي قيام الليل حينئذ إلا بوضوء جديد . وكذلك ليس لها أن تصلي الضحى والعيدين بوضوء الصبح ، إذا صلت الصبح في وقته .
وأما إن توضأت بعد طلوع الشمس وصلت الصبح ، فالذي يظهر أن لها أن تصلي الضحى بوضوئها هذا ، لأنه لم يخرج وقت بعد وضوئها ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن . وينظر : "الموسوعة الفقهية" (3/ 212).
وعلى القول الثاني - وهو أن طهارة المستحاضة تبطل بدخول الوقت التالي - فلها أن تصلي قيام الليل بوضوء العشاء ما لم يدخل وقت الفجر ، ولها أن تصلي الضحى بوضوء الصبح ، لأن طهارتها باقية إلى الظهر ، وهذا القول أولى كما سبق .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة المستحاضة أن تصلي قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء ؟
فأجاب : هذه المسألة محل خلاف ، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء ، وقيل : لا يلزمها أن تجدد الوضوء ، وهو الراجح . " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 292 ، 293 ) .
وسئل الشيخ - رحمه الله - أيضًا : هل يجوز لتلك المرأة أن تصلي صلاة الضحى بوضوء الفجر ؟
فأجاب : " لا يصح ذلك ؛ لأن صلاة الضحى مؤقتة ، فلا بدَّ من الوضوء لها بعد دخول وقتها ؛ لأن هذه المرأة كالمستحاضة ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة " انتهى .
والظاهر أن الشيخ اعتمد القول الثاني ، واعتبر الضحى صلاة مؤقتة ، يلزم لها الوضوء عند دخول وقتها .
والله أعلم .